الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

علم المعاجم - معجم الجمهرة

كتاب جمهرة اللغة لابن دريد

المؤلف:
ألفه أبو بكر بن دريد المتوفي سنة 321 هجرية الذي كان عمدة اللغويين في عصره، وإمامًا لأهل البصرة في اللغة، ومن تلاميذه أبو علي القالي وابن خالويه وأبو فرج الأصفهاني.

قصة الكتاب وأهميته:
معجم ابن دريد: ألفه في فارس، وكان في مقدمة الكتب التي بنى الأزهري كتابه (تهذيب اللغة) للرد عليها، وقد رتبه على حروف المعجم مبتدئاً بالثنائي الصحيح، ناهجاً منهاج الخليل في تقليب حروف الكلمة على كل وجوهها، فإذا أردت البحث عن فعل (لبس) فسوف تجده في مادة (بسل) لأن الباء تتقدم السين واللام في النظام الألفبائي، وهكذا إذا أردت البحث عن مادة (لقب) أو (قلب) فسوف تجدها في مادة (بقل). قال: (وابتدأت بذكر الحروف المعجمة التي هي أصل تفرع عنها جميع الكلام، وعليها مدار تاليفه، وإليها مآل أبنيته، فالمنصف له بالغلبة معترف، والمعاند متكلف، وكل من بعده له تبع)، والمشهور أن نسخ الجمهرة كثيرة الزيادة والنقصان؛ لأن ابن دريد أملاها بفارس ثم ببغداد من حفظه، فلما اختلف الإملاء زاد ونقص، والنسخة الباقية التي عليها المعول، هي النسخة الأخيرة، وآخر ما صح من النسخ: نسخة أبي الفتح النحوي؛ لأنه كتبها من عدة نسخ، وقرأها على ابن دريد، وكغيره من الكتب السائرة أقبل الناس على إدلاء دلائهم في الاستدراك عليه، وتوضيح غريبه، وترجمة مواده، وأول من ألف كتاباً فيه: غلام ثعلب، وسمى كتابه (فائت الجمهرة)، وألف أبو العلاء المعري كتاباً في شرح شواهده سماه (نشر شواهد الجمهرة)، واختصرها الصاحب ابن عباد في كتاب سماه (جوهرة الجمهرة)، واختصرها ابن عنين الشاعر، وحفظ مختصره، أما ابن منظور فأودعها كلها في كتابه (لسان العرب)، وذكر ابن سيده أنه استفرغها في (المحكم) و(المخصص)، إلا أن الناظر فيه يرى أنه اقتصر على نقل أبواب منها، وكانت عمدة الناس في اللغة حتى القرن السادس، ثم تركها الناس وعكفوا على كتب أخرى.

سبب التسمية:
وقد قال ابن دريد في مقدمة كتابه معللا سبب تسميته بالجمهرة "وإنما أعرناه هذا الاسم لأنا اخترنا له الجمهور من كلام العرب، وأرجأناه الوحشيَّ والمستنكر"ـ وقد ذكر ابن دريد في معجمه اللفظ الشائع وليس الغريب النادر؛ حيث أفرد ابن دريد للنوادر من الألفاظ أبوابًا ملحقة في آخر الجمهرة، فقد كان غرضه يشبه إلى حد ما غرض الجوهري وهو تصفية اللغة من الشوائب واستبعاد بعض ألفاظها.
المنهج:
1.    أما منهج ابن دريد في الجهمرة فهو يختلف عن منهج الخليل في كتاب العين برغم من تأثير كتاب العين في المعاجم التي ألفت بعده بما فيها كتاب الجمهرة.
2.    أرجع الكلمات إلى حروفها الأصلية، فجردها من الزوائد، وأرجع المقلوب إلى أصله، شأنه شأن معظم المعاجم.
3.    استعمل ابن دريد النظام الألفبائي أساسًا لترتيب ألفاظها، ويتضح من مقدمة الجمهرة أنَّ ابن دريد قصد هذا المنهج، وفضله على منهج كتاب العين، فهو برغم إجلاله للخليل وسائر العلماء المتقدمين لم يرق له ترتيب معجمه على حسب مخارج الحروف.
4.    ابتكر نظام التقليب الألفبائي؛ حيث تبنى نظام التقاليب الذي ابتدعه الخليل في العين على حسب مبدأ الاشتقاق؛ لأنَّ غالبية ألفاظ العربية من الثلاثي، فمثلا كلمة بقل أورد تقاليبها (قلب لبق قبل بلق)، وقد استوفى المادة دفعة واحدة؛ ولذلك لا ضرورة لتناول بعض أوجهها فيما بعد اكتفاء منه بما تقدم حتى لا يقع في التكرار.
5.    قام ابن دريد بترتيب الجمهرة داخليًّا على أساس الأبنية على غرار ما فعل الخليل في ترتيب الحروف، فالألفاظ عنده ثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية.
6.    راعى ابن دريد أن يبدأ كل باب بالكلمة التي تبدأ بالحرف المعقود له الباب يليه الحرف الذي بعده في الترتيب الألفبائي، فباب الباء يصدره مع التاء، وباب التاء مع الثاء، وعندما يبلغ باب الراء يذكر الأصول التي تبدأ بالراء فزاي مثل: رزم رزق، ثم ذكر الأصول التي تبدأ بحرف الراء فحرف السين، مثل: رسغ رسف رسل، ولكنه لا يذكر في هذا الباب ربح لأنه ذكرها في جرح.
7.    جعل ابن دريد للفظ الثنائي الثلاثي والرباعي والخماسي ملحقات، فالمعجم مقسم عنده إلى الثنائي المضاعف وما يلحق به فالثلاثي وما يلحق به...الخ، وقد بدأت الجمهرة بباب الثئائي الصحيح، ويبدأ بالهمزة على هذا النحو (أب ب، أت ت ثم أث ث، وهكذا)، وفي باب الباء يبدأ بإيراد (ب ت ت) البت، ومن معكوسة (تبت يدا) ثم (ب ث ث) ثم (ب ج ج)، واستعمل من معكوسة جب وناقة جباء وبعسر أجب، وبعد ذلك يأتي الجزء الآخر من المعجم ويتضمن أبواب الثلاثي الصحيح وما تشعب منه، ويضم معظم ألفاظ المعجم كأن يورد مثلا (ب ت ث)، (ب ت ج)، (ب ت ح).
مميزات الكتاب:
يمتاز كتاب الجمهرة بأنه أصل راسخ من الأصول التي اعتمد عليها مؤلفو المعاجم بعده، وقد عرف بعنايته بإيراد لهجات العرب ولغاتها وباهتمامه بالدخيل والمعرب، غير أن الجمهرة لم يحظ بالانتشار الواسع بسبب صعوبة وتعقيد أسلوبها، ومن هنا دعت الحاجة إلى عمل فهارس مفصلة بمحتواها مما يسهل الانتفاع منها وقد حظيت مع ذلك بعناية الأقدمين من العلماء؛ فقامت حولها دراسات عديدة، منها فائت الجمهرة لأبي عمر الزاهد، وجوهرة الجمهرة للصاحب بن عباد وهي مختصر للجمهرة، ونشر شواهد الجمهرة لأبي العلاء المعري وكلها مفقود.
طبعت جمهرة اللغة في حيدرأباد بالهند سنة 1926 في ثلاثة مجلدات من القطع الكبير في نحو 1500 صفحة بالإضافة إلى مجلد يزيد على نصف حجمها يحتوي على فهارس مفصلة لمحتواها وكان ذلك بعناية محمد السورتي والمستشرق سالم كرنكو.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق